القائمة الرئيسية

الصفحات

 

هل يصوم مريض باركنسون
هل يصوم مريض باركنسون

مقدمة

كلما هل شهر رمضان من كل عام يتجدد السؤال من مرضى باركنسون عن المرض والصيام، ويتساءل المرضى وذووهم هل يستطيعون الصوم ، وماهوالمرض الذي يبيح الفطر؟.

ومتى يجب على مريض باركنسون أن يصوم رمضان ومتى يكره له الصيام؟ ومتى يحرم عليه الصوم؟

وقد يكون صيام رمضان صعبًا على مرضى باركنسون الذين يحتاجون إلى تناول الأدوية الخاصة بهم عدة مرات في اليوم.

ومع أنّه يُرخَّص شرعيًّا بعدم الصيام في رمضان بالنسبة للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، إلّا أنّ الكثير من هؤلاء المرضى يظلّون يرغبون في الصيام.

أقوال العلماء في الصوم والمرض

وفيما يلي نضع بين يديكم أهم أقوال العلماء التي تجيب عن هذه التساؤلات:

بداية نقرر أن الآيات التي فرض الله تعالى علينا فيها الصوم أجملت الحديث عن المريض فرخصت له في الفطر فقال سبحانه وتعالى: (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) سورة البقرة: الآية 184.

وقد أجمع أهل العلم على أن المرض في الجملة عذر يبيح الفطر.

لكن العلماء اختلفوا في تحديد طبيعة المرض المبيح للفطر وأرجح الأقوال في المسألة هو قول من قال:

هو كل مرض يزيد بالصوم، أو يخشى تأخر الشفاء معه بالصوم، فهذان يجيزان الفطر في رمضان.

وأما القول بأن مطلق المرض يبيح الفطر فقول غير مُسلَّم عند الجميع، فهناك كثير من الأمراض والأوجاع لا تؤثر على الصائم، كمن به صداع أو ألم في يده ورجله أو نحو ذلك، فمن كان به شيء من ذلك فلا يجوز له الفطر.

أقسام المرضى 

يمكن تقسيم المرضى إلى قسمين:

أحدهما

من كان مرضه لازماً مستمراً، لا يرجى زواله، كالسرطان فلا يلزمه الصوم؛ لأنه ليس له حال يرجى فيها أن يقدر عليه، ولكن يطعم عن صيام كل يوم مسكيناً.

الثاني

من كان مرضه طارئاً غير ميؤوس من زواله كالحمى وشبهها وله ثلاث حالات:

الحال الأولى: أن لا يشق عليه الصوم ولا يضره، فيجب عليه الصوم؛ لأنه لا عذر له.

الحال الثانية: أن يشق عليه الصوم، ولا يضره، فيكره له الصوم لما فيه من العدول عن رخصة الله تعالى مع الإشقاق على نفسه.

الحال الثالثة: أن يضره الصوم، فيحرم عليه أن يصوم لما فيه من جلب الضرر على نفسه، وقد قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُو”اْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} . وقال سبحانه: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُو”اْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}. وفي الحديث عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لا ضرر ولا ضرار» .

ويعرف ضرر الصوم على المريض إما بإحساسه بالضرر بنفسه، وإما بخبر طبيب موثوق به. ومتى أفطر المريض في هذا القسم فإنه يقضي عدد الأيام التي أفطرها إذا عوفي، فإن مات قبل معافاته سقط عنه القضاء؛ لأن فرضه أن يصوم عدة من أيام أخر ولم يدركها.

 ما هو المرض الذي يبيح الفطر في رمضان؟

جاء في كتاب المغني لابن قدامة: والمرض المبيح للفطر هو الشديد الذي يزيد بالصوم أو يخشى تباطؤ برئه.

قيل لأحمد: متى يفطر المريض؟ قال: إذا لم يستطع قيل: مثل الحمى؟ قال: وأي مرض أشد من الحمى؟ وحكي عن بعض السلف: أنه أباح الفطر بكل مرض حتى من وجع الإصبع والضرس لعموم الآية فيه ولأن المسافر يباح له الفطر وإن لم يحتج إليه فكذلك المريض.

ثم قال ابن قدامة: والمرض لا ضابط له فإن الأمراض تختلف منها ما يضر صاحبه الصوم ومنها ما لا أثر للصوم فيه كوجع الضرس وجرح في الإصبع والدمل والقرحة اليسيرة والجرب وأشباه ذلك فلم يصلح المرض ضابطاً وأمكن اعتبار الحكمة وهو ما يخاف منه الضرر فوجب اعتباره.

وقال القرطبي: وقال جمهور العلماء: إذا كان به مرض يؤلمه ويؤذيه أو يخاف تماديه أو يخاف تزيده يصح له الفطر.

وقال الإمام النووي: ثم كون شرط المرض مبيحاً أن يجهده الصوم معه فيلحقه ضرر يشق احتماله. وقال الإمام النووي في موضع آخر عن المرض والفطر في رمضان: المريض العاجز عن الصوم لمرض لا يرجى زواله لا يلزمه الصوم في الحال ويلزمه القضاء.

خلاصة القول

وبعد هذا العرض لأقوال العلماء فالصواب من القول في ذلك أن المرض الذي أباح الله تعالى الإفطار معه في شهر رمضان من كان الصوم جاهده جهداً غير محتمل، فكل من كان كذلك فله الإفطار وقضاء عدة من أيام أخر.

 وأما من كان الصوم غير جاهده فهو بمعنى الصحيح الذي يطيق الصوم فعليه أداء فرضه.

وينبغي التنويه إلى أن المرض الذي يبيح الفطر يعود تقديره إلى المريض نفسه أو إخبار الطبيب الثقة في علمه وإن كان غير مسلم.

وإنما يعرف ذلك بغلبة الظن فهي كافية في الأحكام العملية وغلبة الظن تعرف هنا بأمرين:

إما التجربة – تجربة المريض – بأن يكون جرب الصوم يوماً أو أكثر فشق عليه أو زاد وجعه، أو تجربة غيره ممن يثق به وحاله كحاله ممن يعاني نفس المرض. وإما بإخبار طبيب مسلم ثقة في دينه ثقة في طبه بأن يكون من أهل الاختصاص في هذا المرض فلا يكفي أن يكون طبيباً وماهراً بل لا بد ان يكون مختصاً .

فوائد الصيام لمرض باركنسون .

كشفت بعض الدراسات التي تم اختبارها على الحيوانات عن الفوائد المحتملة التي يمكن أن يقدّمها الصيام لمرضى باركنسون، فأظهرت النتائج مايلي:

  1. يقلل الصيام من التلف الحاصل في الخلايا العصبية بسبب التحفيز المفرِط لمستقبلات الناقل العصبي الغلوتامات (Glutamate)..
  2.  يقلل من التنكس العصبي وهو الفقدان التدريجيّ للخلايا العصبية.
  3. يحمي من تضرُّر أعصاب الجهاز العصبي المستقل (Autonomic nervous system).
  4. يحمي من تراجع الوظائف الحركية والمعرفية.
  5. يعزّز تكوين الخلايا العصبية.
  6. يحسّن من بقاء أسلاف الخلايا العصبية، وهي خلايا قادرة على الانقسام لعدد محدود من المرات ولديها القدرة على التّمايز إلى عدد محدود من أنواع الخلايا العصبية والدبقية.
  7. يقدّم بعض الفوائد المرتبطة بالأعراض الحركية وغير الحركية.

كي تكون الصورة واضحة وشاملة حول موضوع باركنسون والصيام، لا بد من ذكر سلبيات الصيام بالنسبة لمرضى باركنسون، فقد يكون الصيام خطيرًا على مرضى باركنسون. 

  1. فقدان الشهية.
  2. صعوبة الحصول على التغذية السليمة.
  3. انخفاض ضغط الدم.
  4. الجفاف.
  5. ضعف التوازن.

هل يمكن أن يكون الصيام علاجًا لمرض باركنسون؟

ذكرت إحدى الدراسات التي كشفت عن نتائج إيجابية حول موضوع باركنسون والصيام أنّه من الممكن أن يكون الصيام وسيلة جديدة للوقاية من مرض باركنسون وعلاجه من خلال تعزيز تكوين الكائنات الدقيقة، مثل البكتيريا النافعة التي تعيش في الأمعاء وتقدم فوائد عديدة.

ولكن الجدير بالذكر أنّ الصيام وحده لا يمكن أن يكون الوسيلة الوحيدة للوقاية من باركنسون أو علاجه، وفي حين أنّ التغذية السليمة لمرضى باركنسون تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على الصحة بشكل عام والسيطرة على بعض الأعراض بشكل خاص.

إلّا أنّ معرفة وفهم طبيعة المرض تقدّم المعرفة الخالصة حول ما هو مفيد حقًّا وما لا يمكن تجنّبه.

توصيات عامة لمريض باركنسون خلال الصيام

في حين أنّه لا توجد توصيات منشورة حول موضوع باركنسون والصيام، لكن توجد بعض النصائح لمرضى باركنسون الذين ما زالوا يرغبون في صيام شهر رمضان، وفيما يأتي قائمة بهذه النصائح:

  • يجب عدم إجراء أي تعديل على الخطة العلاجية لباركنسون دون استشارة الطبيب.
  • شرب كمية كافية من الماء أثناء الفترة بعد الإفطار وحتى الفجر.
  • استخدام ناهضات الدوبامين طويلة المفعول (Long acting dopamine agonists) التي يمكن إعطاؤها مرة واحدة في اليوم.
  • استخدام دواء ليفودوبا (Levodopa) مع مثبطات إنزيم الكاتيكول O ميثيل ترانسفيراز (Catechol-O-methyltransferase inhibitors) للمساعدة في إطالة تأثيره.
  • استخدام مثبطات أوكسيداز أحادي الأمين ب (Monoamine oxidase B inhibitors) للمساعدة في إطالة تأثير السيطرة على الأعراض.
  • استخدام تركيبات الأدوية عبر الجلد، على الرغم .
  • التحويل بين تركيبات الأدوية سريعة المفعول إلى تركيبات الأدوية بطيئة المفعول، واستخدام الجداول التي تساعد في حساب الجرعات المكافئة لدواء الليفودوبا.
  • الحفاظ على النشاط البدني أثناء شهر رمضان  يعدّ من الجوانب المهمة التي يجب مراعاتها لأنّ الناس يصبحون أكثر خمولًا وإرهاقًا ولا يستطيعون ممارسة الرياضة بانتظام مما يتسبّب في انخفاض قدرتهم على أداء الأنشطة اليومية العادية مع نهاية الشهر.
أنّ المقترحات التي ذكرناها سابقًا يجب مراعاتها فقط للمرضى الذين يُعالَجون بكمية منخفضة إلى متوسطة من أدوية باركنسون، أمّا الحالات الشديدة فلا يُفضل لهم الصيام.

ومن المهم جدًا أن يفهم المرضى أنّ العلاقة بين باركنسون والصيام ليست بالأمر السهل، وأنّه قد يكون من الصعب تحقيق السيطرة التامّة على أعراض باركنسون خلال شهر رمضان، بل إنّ الأعراض غير الحركية قد تتفاقم خلال هذا الشهر.

لذا يجب إجراء التغييرات المناسبة على تناول الأدوية قبل أسبوع أو أسبوعين من شهر رمضان لتجنّب مخاطر ارتفاع الحرارة الخبيث (Malignant hyperthermia) بسبب الانخفاض المفاجئ في تناول أدوية باركنسون.

مع ملاحظة أنه في مرض باركنسون ، قد يكون من الضروري إعطاء الأدوية ثلاث مرات أو أكثر يوميًا ، وأحيانًا بفاصل 3-4 ساعات ، فمن غير الملائم طبيا الصيام.

يؤدي التوقف المفاجئ عن تناول الأدوية أو تقليل الجرعة إلى إبطاء حركات المريض أو زيادة الهزات بشكل كبير. يمكن أن يؤثر هذا التباطؤ في بعض الأحيان على البلع ويؤدي إلى بقاء المريض غير قادر على الحركة ، وهو ما نسميه "التجميد" في اللغة الطبية ، وقد يتطلب العلاج في المستشفى ".

 دمتم بصحة وعافية




تعليقات

التنقل السريع